لماذا حرم الله أكل لحم الخنزير على المسلمين؟

إن الدين الإسلامي الحنيف أتى بشريعة عظيمة للناس، ومما امتازت به رسالة نبينا محمد ﷺ أنها أرسلت لكافة الناس، وهي الشريعة التي نسخت كل الشرائع من قبلها، وقد جاء في شريعة الإسلام الحنيفية شريعة الرحمة أوامر ربانية جليلة ونواه، وفي هذه الأوامر والنواهي مصالح للناس في الأوامر، ومفاسد ومضار في النواهي، وحكم ربانية عظيمة، ومن الأمور التي نها عنها الشارع الحكيم: أكل لحم الخنزير . لذا في هذا المقال، سنجيب عن التساؤل التالي: لماذا حرم الله أكل لحم الخنزير على المسلمين؟

دليل تحريم لحم الخنزير

لقد جاء تحريم أكل لحم الخنزير صريحا وواضحا في القرآن الكريم، وقد ورد تحريمه في أربع آيات في مواضع مختلفة من القرآن الكريم، وهي:

قال تعالى: { إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ} ﴿173 البقرة﴾

وقال أيضا: { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} ﴿3 المائدة﴾

وقال أيضا: { إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} ﴿115 النحل﴾

وقال أيضا: { قُل لَّا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَىٰ طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ۚ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} ﴿145 الأنعام﴾

فالله تعالى حرمه على المسلمين تحريما مؤكدا، إذ أكد عليه في عدة مواضع من القرآن الكريم، بل وقرن تحريمه بتحريم الميتة والدم وما أهل به لغير الله أي ما ذبح لغير الله مثل الذبح للأصنام والقبور…

وهناك أنواع أخرى حرم أكلها على المسلمين مثل ذوات الأنياب من السباع، وذوات المخالب من الطير، والحمار الأهلي وما إلى ذلك من الأطعمة التي لا يجوز أكلها، لكنها وردت في السنة ولم ترد في القرآن الكريم، وهذا يدل على شدة حرمة لحم الخنزير.

لماذا حرم الله أكل لحم الخنزير على المسلمين؟

ونأتي للسؤال المهم، ما الحكمة من تحريم لحم الخنزير على المسلمين؟

لحم الخنزير رجس

لو نظرنا في الآية الرابعة التي ذكرناها، وهي الآية في سورة الأنعام، لعلمنا الحكمة من تحريمه، قال تعالى: أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ.

فلحم الخنزير رجس، والرجس هو الخبيث المضر النجس، قال الإمام السعدي رحمه الله في تفسيره:

فإن هذه الأشياء الثلاثة، رجس، أي: خبث نجس مضر، حرمه الله لطفا بكم، ونزاهة لكم عن مقاربة الخبائث.

فالله سبحانه وتعالى ما حرم علينا لحم الخنزير وغيره من الميتة والدم إلا لأن فيه مضرة، ولأن فيه نجاسة وضررا على الإنسان، والحمد لله الحكيم الخبير.

وهذه هي الحكمة الربانية التي ذكرها لنا الله عز وجل، وهي كافية شافية في الإجابة عن هذا التساؤل، وإن قيل من بعض من يريدون تشويه الدين على الناس والتلبيس عليهم: إن النصارى يأكلون لحم الخنزير منذ القدم ولم يحصل لهم شيء، ولا توجد إثباتات علمية على مضرة لحم الخنزير على الجسد، فالجواب على هذا من وجوه:

  • أولا: كوننا مسلمين، نؤمن بأن القرآن الكريم هو كلام الله، وكل ما قاله الله فهو صحيح، فإن قال الله تعالى أن لحم الخنزير خبيث ونجس ومضر فإننا نؤمن بذلك قطعا، سواء تأكدنا من ذلك وعايناه أم لم نعاينه، وهذا هو الإيمان.

لحم الخنزير يقتل الغيرة

  • ثانيا: هذا الخبث وهذا الرجس، لا يقتضي فقط النجاسة الجسدية والأضرار المرضية الجسمية، فقد يكون هذا الرجس على النفوس والعقول، وقد قيل أن أكل لحوم الحيوانات يورث طباعها لدى البشر، وقيل أن الخنزير يعرف بطبع قلة الغيرة، وأن أكل لحمه يورث فقدان الغيرة على الأعراض والمحارم. ولكنه كلام غير مثبت علميا، وإنما نذكره لأن الواقع يقول بهذا، فليس في الأرض قوم أقل غيرة وفقدانا للحرمة من النصارى، وفي بلادهم ينتشر الفسق والتبرج والزنا بشكل رهيب. نسأل الله السلامة.

ضرر لحم الخنزير في العلم الحديث

  • ثالثا: توجد إثباتات علمية من علماء غير مسلمين أن لحم الخنزير تعيش فيه نوع من الديدان، إذا أكله الإنسان قد تتمكن تلك الدودة من جسده وتنتشر في أنحاء جسمه، وهي دودة يصعب جدا التخلص منها في الطب إذا تمكنت من جسم الإنسان، تدعى هذه الدودة بـ: (التريشين) Treichine. وتعرف أيضا بدودة الخنزير.
  • قد يقول البعض عن هذه الدودة أنها لا تتواجد في لحم الخنزير إذا تمت تربيته بشروط عالية وتم طبخ اللحم جيدا، ولكن هذا الكلام لا يصح لتحليل الشرع للحم الخنزير، لأنه إذا تم تحليله صعب التأكد من أن كل الخنازير سليمة من هذه الدودة الخبيثة، والدين جاء ليكون صالحا في كل الأمكنة والأزمان والظروف.
  • هذه هي العلة الظاهرة في الخنازير علميا، وربما توجد علل أخرى لم يكتشفها الطب الحديث بعد.

هل يجوز أكل لحم الخنزير عند الاضطرار؟

في نفس الآية المذكورة في سورة الأنعام، أردف تعالى تحريم هذه الأنواع من اللحوم والدم حكما يتبعها، وهو قوله: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ.

فمن اضطر إلى أكل لحم الخنزير مثل أن لا يتوفر لديه طعام غيره وخشي على نفسه الهلاك بالجوع فهنا يحل له أكل لحم الخنزير غير باغ ولا عاد، وغير باغ ولا عاد تعني أن لا يأكل الإنسان بغير ضرورة، وهذا هو البغي، وأن لا يأكل بأكثر من قدر حاجته، وهذا هو العدوان. فيأكل إذا اضطر وخشي على نفسه الموت جوعا بقدر ما يكفيه حتى يبقى حيا. والله غفور رحيم. وهذا هو دين الإسلام، إذ أن من قواعد أصول الفقه أن الضرورة تبيح المحظور.

ختاما

إن دين الإسلام دين كامل، أنزله الله رحمة للعالمين، وهو الدين عند الله، ومن يبتغي غير الإسلام دينا فلن يقبل منه، هذا الدين الذي عني بجميع جوانب حياتنا المختلفة، وقد قال تعالى:

{ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157)}

فكل ما أحله الله طيب، وكل ما حرمه الله خبيث. وفي هذه الآية كفاية عن كل ما يقال في حكمه جل وعلا في الحكم من تحليل الأمور وتحريمها. والحمد لله رب العالمين.

هذا والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

مصادر

القرآن الكريم

تفسير الطبري رحمه الله

تفسير السعدي رحمه الله

فتاوي الشيخ ابن العثيمين رحمه الله

فتاوي الشيخ ابن باز رحمه الله

ويكيبيديا (دودة Treichine)

أنظر أيضا

فوائد لحم الماعز والفرق بينه وبين لحم الخروف ، لماذا هو صحي ؟

ما هو الفيروس ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top