فضل صيام الست من شوال والحكم الشرعي قبل القضاء

فضل صيام الست من شوال: فإن الصيام عبادة عظيمة في الاسلام و طاعة يتقرب العبد بها إلى الرحمن، فيها ينال الأجر والثواب في الدارين، كما له أثر طيب في حفظ الصحة والبدن وهذا من حكمة الله عز وجل في شرعه فالحمد لله على نعمة الاسلام حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه.

والصيام نوعان: فرض وتطوع، فأما التطوع فقد ثبت في السنة صيام أيام الست من شوال و فضلها، وهذا ما سنتطرق إليه بإذن الله في هذا المقال .

 

فضل صيام الست من شوال
فضل صيام الست من شوال

أولا: تعريف الصيام

الصيام لغة

الصيام في اللغة هو الامساك عن الشيء في القول أو الفعل.

الصيام شرعا

وأما من حيث الشرع فهو ركن من أركان الاسلام فيه يصرف الصائم نفسه عن شهوة البطن (الطعام و الشراب)وشهوة الجماع من طلوع الفجر الى غروب الشمس ،قال تعالى:

“أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ ۚ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ۗ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ ۖ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ۚ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ۖ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ۚ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ “-(187)البقرة-

فضل صيام الستة من شوال

عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه،أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

{من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر }. رواه مسلم.

في هذا فضل عظيم و ترغيب من النبي صلى الله عليه و سلم ينبغي للمؤمن أن يستدركه ،فبعد أن يستكمل المسلم صيام شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن وهو شهر تتنزل فيه الرحمات وتفتح أبواب الجنة و تغلق أبواب النار، وفيه تصفد الشياطين يصوم عقبه ستة أيام من شهر شوال، ولكن هل يصومها متفرقة أم متتابعة؟ بعد عيد الفطر مباشرة أم له أن يؤخر؟

هو لم يحدد صلى الله عليه و سلم صيامها في أول الشهر أم في وسطه أم في آخره لكن الأفضل أن يصومها بدارا متتابعة كما أخبر بذلك أهل العلم، أي أن يصومها بعد العيد مباشرة ومتتابعة بلا تقطع، وهذا لعدة وجوه :

  • أن في ذلك مسارعة في فعل الخيرات، فالسابقون السابقون أولائك المقربون.
  • أن المبادرة بصيامها دليل على اجتهاده و عدم سأمه و الرغبة في الأجر و صمود النفس أمام شهواتها من أكل و شرب وما إلى ذلك مما ترغب فيه النفس و تشتهيه .
  • وأما عقيب العيد مباشرة لئلا يعرض له مانع أو عائق يحول بينه وبين الصيام كمرض أو سفر أو ما شابه ذلك .
  • أن صيام ستة أيام مباشرة بعد رمضان كصلاة السنن الرواتب قبل الفرض وبعده، فإذا كانت صلاة الفرض قد عارضها نقص أو خلل في تأديتها كانت الرتيبة جبرا لذلك النقص وهو الشيء نفسه في الصوم. فقد ورد عنه صلى الله عليه و سلم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه في شأن الصلاة:
  • “ققال الرَّبُّ عزَّ وجلَّ: انْظُروا هلْ لعبدي مِن تطوُّعٍ؟ فيُكمَلُ منها ما انتَقَصَ من الفريضَةِ، ثم يكونُ سائِرُ أعمالِه على هذا “_رواه الترمذي وصححه الألباني.

  • فكان ذلك قياسا على الصوم .

ثم أخبر النبي صلى الله عليه و سلم أن إتباع صيام رمضان بست من شوال كان كصيام الدهر، فانتبه رعاك الله إلى هذا الأمر الجلل، وفي هذا حث شديد على ذلك من حصول الأجر من غير مشقة ، فعن ثوبان بن مولى أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :

{جعل الله الحسنة بعشر أمثالها،الشهر بعشرة أشهر و صيام ستة أيام بعد الشهر ،تمام السنة }-صحيح الترغيب-

وفي رواية :{صيام شهر رمضان بعشرة أشهر وصيام ستة أيام بعد الفطر بشهرين فذلك صيام سنة }-صحيح الجامع-

حكم صيام الستة من شوال

أجمع العلماء أهل السنة و الجماعة على أن صيام الست من شهر شوال أمر مستحب و ليس بواجب فمن صامها فله الأجر ومن تركها فليس عليه وزر.

فوائد الصيام في الإسلام

جاء في كتاب الطب النبوي لابن القيم الجوزية رحمه الله في الصوم:

 ’’الصوم جُنة من أدواء الروح و القلب والبدن ، منافعه تفوت الإحصاء، و له تأثير عجيب في حفظ الصحة و إذابة الفضلات و حبس النفس عن تناول مؤذياتها، و لا سيما إذا كان باعتدال و قصد في أفضل أوقاته شرعا و حاجة البدن إليه طبعا …‘‘

فانظر رحمك الله إلى ما يفعله الصوم ناهيك عن نيل الثواب من إصلاح البدن مما أفسده الداء أو كل مسبب خارجي كطعام مثلا لم تستقم طبيعته مع طبيعة الجسم ،كما أنه يعزز قوى الجسم من مناعة و غير ذلك …

حكم من صام أيام الست من شوال قبل القضاء

هذا السؤال نعني به حكم صيام الست من شوال قبل قضاء الأيام التي أفطرها الإنسان في رمضان لعذر، مثل من أفطر لمرض أو لسفر أو المرأة الحائض وما إلى ذلك.

اختلف العلماء في هذه المسألة لكن الراجح عندهم هو صيام القضاء الذي يعتبر فرضا قبل التطوع، وهذا هو الأسلم و الأحوط ولأن النبي صلى الله عليه و سلم قال من صام رمضان أي كاملا دون نقصان ثم أتبعه.. والله أعلم .

ختاما

{۞ وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ }(133)_آل عمران_

{سَابِقُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }(21)_الحديد_

ومما جاء عن النبي صلى الله عليه و سلم في حديث قدسي فيما يرويه عن ربه عزوجل أنه قال:

“كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا اجزي به “-رواه البخاري في صحيحه-

فنسأل الله أن يوفقنا لهذه الطاعة و يعيننا على ذلك إنه ولي ذلك و القادر عليه وصلى الله على محمد وعلى آله ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

مصادر

القرآن الكريم

السنة النبوية الصحيحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top