ماهي أحكام النذر في الشريعة الاسلامية وأنواعه وكفارته…

ماهي أحكام النذر في الشريعة الاسلامية

إن النذر من العبادات التي لا تستحق إلا لله عز وجل، لأن النذر يصاحبه اعتقاد وإيمان بالله وتعبد له، وإيمان بأنه هو القادر والمدبر للأمور، فما هو النذر؟ و ماهي أحكام النذر في الشريعة الاسلامية ، وما هي أنواعه وما هي كفارته إذا لم يتم الوفاء به؟

ماهو النذر؟

النذر لغة:

هو الإيجاب، أي هو أن يوجب الإنسان على نفسه القيام بأمر ما.

النذر شرعا:

هو إلزام مكلف مختار نفسه شيئا لله تعالى. أي أن المسلم المكلف شرعا الذي له حرية الاختيار، يلزم نفسه أن يفعل شيئا معينا لله تعالى. وهو نوع من أنواع العبادة التي لا يجوز صرفها لغير الله تعالى.

والنذر لغير الله من قبور أو ملوك أو غير ذلك شرك أكبر مخرج من الملة، لأنه من العبادة التي لا تستحق إلا لله. ومن وقع في ذلك جهلا فعليه أن يتوب لله ويترك ذلك من فوره، ويحذر قومه من ذلك إذا علم وينذرهم. (التعريف مستقى من كتاب تيسير زاد المستقنع للشيخ الفوزان حفظه الله).

أحكام النذر

ذهب جمهور العلماء إلى أن النذر مكروه، وذهب طائفة منهم إلى تحريمه، وهذا استنادا إلى حديث النبي ﷺ:

عن عبداللَّه بنِ عمرَ رضي الله عنهما، قالَ :{ أخذَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ ينهى عنِ النَّذر ويقولُ : لا يردُّ شيئًا ، وإنَّما يُستَخرجُ بِهِ منَ البخيل} صححه الألباني.

والحكمة من نهي النبي ﷺ كما قال العلماء أن الناذر يلزم نفسه بشيء لا يلزمه في الأصل، فيحرج نفسه ويثقل عليها، وإنما المطلوب من الإنسان المسلم أن يفعل الخير بغير نذر.

أما إذا حدث ونذر الإنسان نذر طاعة لا نذر معصية (وسنأتي إلى أنواع النذر) فعليه الوفاء به وجوبا. وهذا ثابت في الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة، أهمها قوله تعالى في سورة البقرة:

{وَمَا أَنفَقْتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ ۗ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ (270)}

والموفون بنذورهم مدحهم الله في كتابه العزيز في وصف الأبرار، قال تعالى:

{يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (7)} الإنسان.

فالوفاء بالنذور من صفات الأبرار الأتقياء.

أنواع النذر

وللنذر 5 أقسام أساسية قسمها العلماء:

  • نذر الطاعة:

  • وهو أن ينذر الإنسان لله القيام بطاعة معينة، مثل أن يصوم يوما أو يومين… أو يصلي صلاة معينة وغير ذلك من الطاعات، وحكم هذا النذر أنه إذا نذره الإنسان فإن عليه أن يفي به، وهذا لحديث النبي ﷺ:

{مَنْ نذر أنْ يُطِيعَ اللهَ ، فلْيُطِعْه ، و مَنْ نذر أنْ يَعْصي اللهَ فَلا يَعصِه} صححه الألباني.

  • نذر المعصية:

  • كأن ينذر الإنسان أن يشرب الخمر أو يزني أو يفعل أي معصية، فهذا النذر لا يجوز الوفاء به، واختلف العلماء في هل يكون عنه كفارة أم لا، ورجح الشيخ ابن العثيمين رحمه الله القول بأن عليه كفارة لعموم قول النبي ﷺ:
    {كفارةُ النذرِ كفارَةُ يمينٍ} صححه الألباني.
  • نذر المباح:

  • وهو نذر فعل شيء من المباح، الذي ليس بطاعة ولا بمعصية، فهذا قال عنه العلماء أن للإنسان أن يفي به أو لا يفعل، فإن لم يفعل فهناك خلاف بين أن عليه كفارة يمين أم ليس عليه، ورجح بعضهم أنه ليس عليه كفارة لحديث رواه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.

عنِ ابنِ عبَّاسٍ قالَ : بينما النَّبِيُّ صلَّى اللَّه عليه وسلم يخطبُ إذا هوَ برجلٍ قائمٍ في الشَّمسِ فسألَ عنْهُ قالوا هذا أبو إسرائيلَ نذرَ أن يقومَ ولاَ يقعدَ ولاَ يستظلَّ ولاَ يتَكلَّمَ ويصومَ. قالَ {مروهُ فليتَكلَّم وليستظلَّ وليقعد وليتمَّ صومَهُ}صححه الألباني.

  • وهناك من زاد أنواها أخرى من النذر مثل نذر اللجاج أي نذر الغضب وبعض الأنواع الأخرى، لكننا اقتصرنا على ما هو معروف وشامل عام.

ماهي كفارة النذر ؟

أما كفارة النذر فهي مثل كفارة اليمين كما ذكرنا في الحديث عن النبي ﷺ، وهي صيام ثلاث أيام متتالية أو إطعام 10 مساكين من أوسط ما يطعم الإنسان أهله.

هل يجوز الاكل من النذر ؟

سئل الشيخ ابن العثيمين رحمه الله في هذه المسألة، وهي حكم الأكل من النذر مثل الذبيحة، فقال رحمه الله أن النذر ينقسم إلى قسمين:

نذر طاعة: وهو الذي ينوي به الإنسان التقرب به إلى الله، فهذا النوع لا يجوز الأكل منه، وإذا حدث وأكل منه فعليه أن يتصدق بمقدار ما أكل منه وحسب.

نذر المباح: مثل أن ينوي الإنسان بهذا النذر الفرح والسرور وجمع الناس عليه وما إلى ذلك، فيدخل في النذر المباح فله أن يأكل منه ولا حرج عليه.

أضرار عدم الوفاء بالنذر

إن الوفاء بالنذر أمر واجب، نعني بهذا نذر الطاعات، وهذا ثابت في الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة، ومن آثار عدم الوفاء بالنذر على الإنسان المسلم:

  • الإثم: حيث أنه من معصية الله ورسوله عدم الوفاء بالنذور.
  • النفاق في القلب: قال تعالى:
    { وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (75) فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَّهُم مُّعْرِضُونَ (76)  فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (77)} التوبة.
  • فعدم الوفاء بالنذر يخلف نفاقا في القلب والعياذ بالله من النفاق.

ختاما

خلاصة القول، النذر من العبادات التي لا تستحق إلا لله تعالى، وعلى الإنسان أن يفي بها ما لم تكن في معصية الله. والمؤمن بالله المستن بسنة رسول الله ﷺ لا ينذر النذور، لأنها مما نهى عنها النبي ﷺ، ولكنه إن نذر أوفى.

هذا والله أعلم، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

مقالات مشابهة

كيفية صلاة العيد في المنزل لكل الأسرة أو منفردا والحكم الشرعي

كيف خلق الله سيدنا آدم عليه السلام وقصته مع إبليس وخروجه من الجنة

مصادر لمقال أحكام النذر

القرآن الكريم

السنة النبوية الصحيحة -موقع حديث للتحقق من صحة الأحاديث-

فتاوي الشيخ ابن العثيمين رحمه الله

فتاوي الشيخ ابن باز رحمه الله

كتاب تيسير زاد المستقنع للشيخ صالح الفوزان حفظه الله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top