كيف خلق الله سيدنا آدم عليه السلام وقصته مع إبليس وخروجه من الجنة

خلق الله الكثير من المخلوقات وفضل بعضهم على بعض، وخلق كل مخلوق لحكمة وغاية ربانية يعلمها، ومن مخلوقات الله الإنسان، خلقه وأعطاه حرية الاختيار بين الإيمان أو الكفر، وجعل له عمرا محدودا وأنزله إلى الأرض وأرسل له الرسل مبشرين ومنذرين، وفي الآخرة يحاسبه على عمله في دنياه. وأول من خلق الله من الناس آدم عليه السلام، وهو أبو البشر كلهم. فكيف خلق الله سيدنا آدم عليه السلام ؟ وما هي قصته مع إبليس؟

لماذا خلق الله الإنسان؟

إن الغاية والحكمة من خلق الإنسان يعلمها الله، وقد أخبرنا عنها في كتابه العزيز إذ قال:

وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) الذاريات.

ولكنه حين أراد أن يخلق الإنسان قال للملائكة: إني جاعل في الأرض خليفة. أي أنني سأخلق مخلوقا أستخلفه في الأرض. فقال الملائكة لله جل في علاه: أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء؟ فرأوا أن هذا المخلوق الذي سيتخلفه الله في الأرض سيفسد فيها وسيسفك الدم، لكن الله قال لهم: إني أعلم ما لا تعلمون. فالله أعلم بالحكمة من خلق الإنسان وجعله خليفة في الأرض. لكننا نؤمن بما قاله في القرآن: وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون. فنحن خلقنا لنعبد الله ولا لأي شيء غير ذلك.

وعبادتنا لله ليست حاجة منه للعبادة، فالله غني لا يزيد في ملكه إيمان المؤمنين وعبادتهم ولا ينقص منه كفر الكافرين وجحود الجاحدين. وإنما عبادتنا له تنفعنا نحن، وهي رحمة بنا.

كيف خلق الله آدم عليه السلام؟

ونأتي إلى السؤال الذي يدور حوله موضوع مقالنا، قد علمنا أن الله خلق أبانا آدم ثم خلق منه حواء ونحن منهما. لكن ما هي صفة خلقه؟ كيف خلقه الله؟

قال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ (26)}  الحجر.

فالله تعالى خلق الإنسان من الصلصال، وهذا الصلصال من حمإ مسنون، والصلصال هو الطين اليابس، وسمي بهذا لأنه يصدر صوتا أو صليلا عند ضربه لأنه صلب. وأما الحمأ المسنون فقيل هو الطين الأملس، وقيل المنتن. وخلاصة القول أن خلق الإنسان من تراب الأرض، ونوع تراب الأرض الذي خلق منه هو الطين اللازب، وهو الطين اللزج.

وهذا الطين الذي خلق الله منه آدم عليه السلام جمع من كل بقعات الأرض، وهذا ثابت في الحديث الذي رواه أبو موسى الأشعرش رضي الله عنه عن رسول الله ﷺ:

{إن اللهَ خلَقَ آدمَ مِن قبضةٍ قَبَضَها مِن جميعِ الأرضِ ، فجاءَ بنو آدمَ على قَدْرِ الأرضِ : جاء منهم الأحمرُ ، والأبيضُ ، والأسودُ ، وبينَ ذلك ، والسَّهْلُ ، والحَزْنُ ، والخبيثُ ، والطيِّبُ – زاد في حديث يحيى – وبين ذلك والإخبارُ في حديثِ يزيدَ.} صححه الألباني.

وخلق الله آدم عليه السلام من هذا الطين بيده، وهذا شرف عظيم.

لما خلق الله آدم عليه السلام وسواه نفخ فيه الروح، بلغت الروح رأسه فعطس فقال: {الحمد لله}. وهذا من فطرة الله وإذنه. فقال له الله: يرحمك الله يا آدم. وأمره أن يذهب إلى ملإ من الملائكة كانوا جلوسا في السماء وأمره أن يقول لهم: السلام عليكم. ففعل فقالوا له: عليك السلام ورحمة الله. ورجع إلى الله فقال له الله: إن هذه تحيتك وتحية بنيك بينهم.

ثم مسح الله على ظهر آدم عليه السلام بيمينه فبسط منه كل ذريته إلى يوم القيامة، وعرضهم عليه وأخبره أنهم ذريته، ورأى منهم رجلا فسأل الله: أي رب من هذا؟ فقال: هذا رجل من آخر الأمم من ذريتك يقال له داوود. فقال آدم: رب كم جعلت عمره؟ قال الله: ستين سنة. فقال: أي رب زده من عمري أربعين سنة. وبعد ذلك لما جاء أجل آدم عليه السلام جاءه ملك الموت وكان نسي تلك الأربعين. فقال لملك الموت: أولم يبق من عمري أربعون سنة؟ فقال له: أولم تعطها ابنك داوود؟

تعليم آدم الأسماء كلها

وعلم الله آدم أسماء كل شيء، وقال العلماء على الراجح أنه علمه أسماء الذوات من كل شيء في الأرض والسماء، مثل هذه شجرة وهذا حجر… ثم عرض هذه الأشياء على الملائكة وسألهم أن ينبؤوه بأسماء هذه الأشياء فقالوا: سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا.

أي أنهم اعترفوا أنهم لا يعرفون أسماء هذه الأشياء لأن الله لم يعلمها لهم. وهنا أمر الله آدم عليه السلام أن ينبئهم بأسمائها. فأنبأهم آدم عليه السلام بها. فقال الله للملائكة: ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون؟ وهذا جوابا على قولهم: أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء.

قصة آدم مع إبليس

وكان إبليس من قبيلة الجن، وهي قبيلة كانت من خزنة الجنة، وكان يعيش في السماء مع الملائكة، وكان من أقرب المخلوقات لله عز وجل، واختبره الله فأمره مع الملائكة أن يسجدوا لآدم لما خلقه، وعندها تكبر إبليس على آدم فقال: أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين. وعصى الله ولم يسجد لآدم عليه السلام، وقاس نفسه به وقارنه وتكبر عليه. ولم يتب من معصيته هذه. فلعنه الله إلى يوم الدين، وأخرجه من رحمته ومن السماء.

إسكان آدم الجنة

وأسكن الله آدم عليه السلام الجنة، وخلق له من ضلعه زوجته أمنا حواء، وقال له: اسكن أنت وزوجك الجنة ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين.

فأمره أن يسكن الجنة ونهاه عن شجرة حذره منها، فجاء إبليس عليه لعنة الله فوسوس لآدم عليه السلام وزوجته حواء ليخرجهما مما كانا فيه. فوسوس لهما وزين لهما المعصية وقال لهما أن الله نهاهما عنها حتى لا يكونا من الخالدين. فأغوى الشيطان آدم وزوجته فأكلا من الشجرة وعصيا أمر الله.

ولما فعلا ذلك كشف الله عنهما من عوراتهما وقد كانا مستورين، فبدت سوؤاتهما، وصارا يأخذان من ورق الجنة ليخفيا بها ما بدا من عوراتهما.

توبة آدم عليه السلام ونزوله للأرض

ثم تاب آدم عليه السلام وندم على خطيئته، فتاب الله عليه وغفر له ذنبه، وأمره أن يهبط من الجنة إلى الأرض، وأنزله إلى الأرض واستخلفه عليها، ونحن بنوه اليوم خلفاء الأرض من بعد أبينا آدم.

ختاما

وهذا هو اختبارنا، نعيش في هذه الدنيا ولنا الاختيار بين الإيمان والكفر، بين الشكر والجحود، بين الخير والشر، فمن آمن بالله وعمل صالحا أدخله الله الجنة، ومن كفر به وعصاه وارتكب المحظورات وترك الواجبات أدخله الله النار. نسأل الله الجنة ونعوذ به من النار.

هذا والله أعلم، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

مقالات مشابهة لـ خلق آدم عليه السلام

قصة سيدنا آدم عليه السلام ، خلقه ، أبناؤه ، الأحداث في حياته ، وفاته .

قصة الإسراء والمعراج وما رآه الرسول ﷺ فيها

مصادر لـ خلق آدم عليه السلام

القرآن الكريم.

السنة النبوية الصحيحة – موقع حديث للتحقق من صحة الأحاديث-

حديث: لما خلق الله آدم ونفخ فيه الروح، عطس…. (حديث طويل صححه الألباني في تخريج مشكاة المصابيح.)

حديث: لما خلق الله آدم مسح ظهره فسقط من ظهره كل نسمة…. (حديث طويل صححه الألباني في صحيح الجامع)

تفسير ابن كثير

معجم المعاني الجامع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top