لماذا سمي شيخ الإسلام ابن تيمية بهذا الاسم

بسم الله الرحمان الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد، فإن الله جل وعلا قد سخر لهذا الدين دين الإسلام رجالا صدقوا ما عاهدوا الله عليه، رجال أفنوا أعمارهم وأموالهم في سبيل الدعوة إلى الله وإقامة شريعته ونشر دينه بين الناس، فكانوا للناس نجوما أضاءت لهم الطريق القويم، والسراط المستقيم على كتاب الله وسنة نبيه المصطفى ﷺ، ومن هؤلاء الرجال العظماء شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وهو من أشهر العلماء الأعلام وأشدهم أثرا في هذه الدعوة المباركة، في هذا المقال إن شاء الله، سنتعرض لومضات من حياة هذا العالم الجليل وسيرته، وبعض صفاته ومؤلفاته وأقوال علماء أهل السنة عنه.

من هو شيخ الإسلام ابن تيمية

هو الشيخ أحمد أبو العباس بن عبد الحليم بن عبد السلام، الملقب بتقي الدين ابن تيمية، وأبوه يلقب أيضا بشهاب الدين ابن تيمية، وجده ملقب بمجد الدين أبي البركات ابن تيمية.

ولد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بحران (مدينة تقع الآن بتركيا) يوم الإثنين العاشر (وقيل 12) ربيع الأول من السنة 661 بعد الهجرة النبوية، الموافقة لشهر يناير 1263م.

ترعرع في مدينته الأصلية حران إلى أن بلغ 7 سنوات، ثم هاجر به أبوه مع إخوته إلى مدينة دمشق بالشام فرارا من التتار وظلمهم لأنهم كانوا قد بلغوا تلك الأراضي. ومن المعلوم أنه ابن عالم وحفيد عالم. فأبوه رحمه الله متقن للمذهب الحنبلي، وكان مدرسا ومفتيا ومصنفا إماما محققا كثير الفنون، وكان له كرسي تدريس في دار الحديث السكرية بدمشق.

وكذلك جده مجد الدين عبد السلام ابن تيمية رحمه الله كان فقيها حنبليا، وكان إماما مقرئا ومحدثا ومفسرا وأصوليا ونحويا ومن حفاظ الحديث الأعلام. وقد تحدث عنه شيخ الإسلام أحمد ابن تيمية بأنه كان عجيبا في حفظ الأحاديث وسردها وحفظ مذاهب الناس. ولكن الله أراد الظهور وبقاء الأثر لشيخ الإسلام ابن تيمية علي رحمه الله أكثر من أبويه.

لماذا سمي شيخ الإسلام ابن تيمية بهذا الاسم؟

لقب ابن تيمية هذا هو لقب جده الخامس، وقد كانت أسرته كلها تلقب بآل تيمية، واختلف في أصل هذه التسمية، فقيل أن أحد أجداده ذهب حاجا من طريق تيماء (مدينة)، فرأى هناك طفلة اسمها: تيمية. فلما عاد للديار وجد امرأته وضعت بنتا فسماها تيمية، وكانت هذه الأسرة من نسل تيمية هذه.

وقيل أن جده كانت أمه واعظة وكان اسمها تيمية فنسبت الأسرة إليها وعرفت بها.وعائلة شيخ الإسلام ابن تيمية كلهم من أهل العلم والفقه والشرف، وكان فيهم عدد من العلماء.

سيرة ابن تيمية

حفظ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله القرآن الكريم في صغره، وأمضى صغره في حفظ الحديث والفقه وتعلم اللغة، وبرع في شتى العلوم ومنها النحو والحديث والتفسير، واشتغل بطلب العلم وسمع الأحاديث والكتب والآثار على عدة شيوخ من كبار أهل العلم.

قيل أنه سمع من أكثر من 200 شيخ، وسمع منهم كتب الحديث الكبيرة كمسند الإمام أحمد وصحيح البخاري ومسلم والنسائي وأبي داود وابن ماجة والدارقطني، كل منها سمعها عدة مرات. فأتقن العلوم وهو صغير، وتخصص في التفسير ودرس أصول الفقه حتى أحكمها وأفتى وناظر وأفحم الكبار، وكل هذا وهو لم يبلغ 20 سنة!

بعد العشرين

وبعد أن جاوز شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله 20 سنة توفي أبوه رحمه الله، فتولى هو التدريس بعد وفاة أبيه، فشغل كرسي التدريس مكان أبيه رحمه الله وهو ابن 22 سنة فقط! فكانت له حلقة أيام الجمع كما كان أبوه بدأ فيها بتفسير كتاب الله العزيز، وكان ذا ذكاء وقَّاد وعلم غزير وسرعة إدراك، وكان يدَرس من غير النظر في أي كتاب من قوة الحفظ ومتانته.

وقد فاق جميع الناس في زمانه علما واقتداء بسنة المصطفى عليه الصلاة والسلام، حتى قال عنه تلميذه الإمام الذهبي رحمه الله:

هو أكبر من أن ينبه على سيرته مثلي، فلو حلفت بين الركن والمقام، لحلفت أني ما رأيت بعيني مثله، وأنه ما رأى مثل نفسه.

وكان مع كل ذلك العلم عابدا كثير الذكر لله عز وجل كما روى ذلك عنه تلميذه ابن القيم رحمه الله. وقال عنه الإمام ابن دقيق رحمه الله في غزارة علمه لما سئل عنه:

رأيت رجلا سائرُ العلوم بين عينيه يأخذ ما شاء منها ويترك ما شاء

جهاد ابن تيمية ضد التتار

وكان من سيرته رحمه الله أيضا أنه شارك في جهاد التتار بسيفه، فحاربهم بلسانه وقلمه وحسامه. وكان هذا في وقعة شقحب التي جمع فيها التتار جموعا غفيرة واستعدوا للقتال، ووقعت المعركة في اليوم الرابع من شهر رمضان سنة 702هـ، وكان في طليعة المجاهدين فقاتل هو وأخوه قتالا شديدا استمر يوما كاملا، حتى إذا جاء العصر انتصر جيش مصر والشام، وهرب جنود التتار إلى الجبال والتلال وهم يلاحقونهم بالنبال حتى طلع الفجر. وزال خطر التتار بعد تلك الموقعة، وكانت تلك آخر مرة يغيرون فيها عليهم.

وجاهدَ بعد تلك المعركة مباشرة ضد طائفة من الشيعة الروافض الذين ناصروا التتار مرتين وأسروا أبناء المسلمين وسبوا نسائهم وذريتهم وباعوهم للصليبيين، خرج إليهم شيخ الإسلام ابن تيمية فأزال مجتمعهم من الجبل وانتصر للحق منهم.

وقد حارب في حياته أيضا البدع والمنكرات والشركيات، فيروى عنه أنه في جمادى الثانية من السنة 704هـ ذهب في نفر من أصحابه إلى مسجد التاريخ أزالوا صخرة كانت بنهر قلوط يزورها بعض الجهال وينذرون لها، فأزالوها وأراحوا المسلمين من الشرك.

صفات شيخ الاسلام ابن تيمية

وقد أعطاه الله إلى جانب علمه وقوة بصيرته جسما وصورة مهيبة، فكان رجلا أبيض أسود الرأس واللحية، لا طويلا ولا قصيرا، ذا عينين حادتين كأنهما لسانان ناطقان (هكذا وصفه الذهبي)، عريض المنكبين، جهوري الصوت، فصيح سريع القراءة.

ومن صفاته أيضا:

  • الورع والعفاف والابتعاد عن كل ما يغضب الله عز وجل.
  • سرعة وقوة الحفظ الشديدة، حتى قيل فيه: إنه ما حفظ شيئا فنسيه. أي أنه لا ينسى ما يحفظ.
  • كان من حفاظ القرآن ومتقنيه بالقراءات العشر.
  • قيل أنه كان إذا جلس ليدرس أغمض عينيه وأملى على الناس العلم الغزير. حتى إذا انتهى من إلقاء الدرس فتح عينيه وأقبل على الناس يسمع من الناس الأسئلة ويجيب.
  • كان له علم كبير بالسنة النبوية الشريفة، فكان حافظا في الحديث عارفا. قال عنه الحافظ الذهبي رحمه الله:
  • يصدق عليه أن يقال: كل حديث لا يعرفه ابن تيمية فليس بحديث، لكن الإحاطة لله عز وجل.

  • كان شديد الحفظ للآثار عن الصحابة والسلف الصالح.
  • كان يحفظ الكتب حفظا شديدا، حتى قيل عنه أنه إذا قرأ كتابا لا يحتاج أن يرجع إليه مرة أخرى. وقال عنه بعض العلماء: رأس ابن تيمية قبة ملئت كتبا.

مؤلفاته

له أكثر من 1000 كتاب ورسالة فيما أحصي عنه فقط، وكتبه في الحقيقة تزيد عن هذا بكثير بسبب ما فقد منها. وقد ألف رحمه الله الكثير في العقيدة. وذلك لأن العقيدة في زمنه قد ألف فيها المخالفون لمنهج أهل السنة والجماعة الكثير، والأمر في العقيدة أمر جسيم، فالعقيدة ينبغي أن تصحح للناس، وليس الأمر بهذه الخطورة فيما يخص الفقه.

ومن أشهر مؤلفاته رحمه الله:

  • العقيدة الواسطية. (ولعله الأشهر).
  • الفتوى الحموية.
  • كتاب الإيمان.
  • كتاب الإستقامة.
  • الرسالة التدمرية.
  • الصارم المسلول على شاتم الرسول.
  • السياسة الشرعية لإصلاح الراعي والرعية.
  • رفع الملام عن الأئمة الأعلام.
  • منهاج السنة النبوية.
  • بيان تلبيس الجهمية.
  • الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح.

عقيدة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله

عقيدة شيخ الإسلام ابن تيمية هي عقيدة أهل السنة والجماعة، وهي العقيدة التي كان عليها رسول الله ﷺ والصحابة رضوان الله عليهم والتابعون، وهي العقيدة التي أجمع عليها علماء القرون الثلاثة المفضلة، ويطلق عليها عدة مسميات منها:

عقيدة أهل السنة والجماعة، العقيدة السنية، العقيدة السلفية، عقيدة القرون المفضلة، اعتقاد الفرقة الناجية، العقيدة المحمدية، العقيدة الوسطية. كل هذه المسميات تطلق على العقيدة السليمة عقيدة أهل السنة والجماعة، وهي التي ندين الله بها، ونسأله تعالى أن يميتنا عليها، وهي التي كان عليها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله. وأهم كتاب ألفه شيخ الإسلام ابن تيمية في العقيدة هو العقيدة الواسطية.

أما الاسم الذي اشتهر به الكتاب (العقيدة الواسطية) فقد ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لكتابه هذا في كلام له بعد كتابتها بسنوات، قال شيخ الإسلام رحمه الله يحكي عن مناظرة أقيمت بينه وبين مخالفيه يتهمونه فيها باتهامات:

 قلت: إني لو أمليت من حفظي لخشيت أن أتهم بأني كتمت بعض عقيدتي، لكن هناك رسالة كتبتها قبل نحو 7 سنين، نحضرها وتقرأ.

فأرسلت من أحضرها ومعها كراريس مكتوبة بخطي من المنزل. فحضرت العقيدة الواسطية.

وسميت بالواسطية لأنها كتبت لرجل من أهل مدينة واسط، وهي مدينة في العراق، وسبب تأليف هذا الكتاب في الأصل كما بينه شيخ الإسلام رحمه الله، فقد قال:

قلت لهم: هذه كان سبب كتابتها أنه قدم علي من أرض واسط بعض قضاة نواحيها، شيخ يقال له رضي الدين الواسطي، من أصحاب الشافعي، قدم علينا حاجا وكان من أهل الخير والدين، وشكى ما الناس فيه بتلك البلاد، وفي دولة التتر من غلبة الجهل والظلم ودروس الدين والعلم، وسألني أن أكتب له عقيدة تكون عمدة له ولأهل بيته، فاستعفيت من ذلك (طلب منه أن يعفيه من ذلك) وقلت: “قد كتب الناس عقائد متعددة، فخذ بعض عقائد أئمة السنة”، فألح علي في السؤال وقال: “ما أحب إلا عقيدة تكتبها إلا أنت”. فكتبت له هذه العقيدة وأنا قاعد بعد العصر.

محنة شيخ الإسلام ابن تيمية ولماذا سجن

ومحنة الشيخ ابن تيمية قصة معروفة جدا، دخل فيها الشيخ رحمة الله عليه 4 مرات للسجن، وتوفي في المرة الأخيرة منها. وتم سجنه رحمه الله في هذه المرات لأنه كان شديدا في الحق لا تأخذه في الله لومة لائم، ولأنه في زمنه كثرت البدع والمنكرات والفرق الضالة، وكان شيخ الإسلام رحمه الله يجادل أهل الباطل ويناظرهم ولا يتساهل معهم.

فكادوا له المكائد وتآمروا ضده وألبوا عليه السلاطين واشتكوا أمره للقضاة، وفي إحدى المرات وقع بين يدي قاض من مخالفيه كان هو الحكم عليه، وكل مرة كانت لها قصة مختلفة.

وقصة محنة شيخ الإسلام ابن تيمية لنا فيها مقال منفصل يمكنك الاطلاع عليه من هنا:

قصة محنة ابن تيمية ولماذا سجن شيخ الإسلام رحمه الله

وفاة ابن تيمية البداية والنهاية

وكانت تلك الأيام هي الأيام الأخيرة في حياة الشيخ رحمه الله. فقد اشتد به المرض بضعا وعشرين يوما، ذكر ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية:

قَالَ الشَّيْخُ عَلَمُ الدِّينِ الْبِرْزَالِيُّ فِي تَارِيخِهِ: وفي ليلة22 من ذي العقدة توفي الشيخ الإمام العالم العَلَم العلامة الفقيه الحافظ الزاهد العابد المجاهد الْقُدْوَةُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ تَقِيُّ الدِّينِ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ شَيْخِنَا الْإِمَامِ الْعَلَّامَةِ الْمُفْتِي شِهَابِ الدين أبى المحاسن عبد الحليم ابن الشيخ الامام شيخ الإسلام أَبِي الْبَرَكَاتِ عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي القاسم محمد بن الخضر بن محمد ابن الخضر بن على بن عبد الله بن تَيْمِيَّةَ الْحَرَّانِيُّ ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ، بِقَلْعَةِ دِمَشْقَ بِالْقَاعَةِ التي كان محبوسا بها…..

وذكر كلاما طويلا جدا في وفاته رحمه الله، فقد كان يوما عظيما تاريخيا مشهودا على مدينة دمشق، وقد كان في آخر أيامه يكثر من قراءة القرآن، وختم في مدة إقامته بالقلعة على ما يذكرون 81 ختمة، وانتهى في آخر ختمة إلى قوله تعالى في آخر سورة القمر:

إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ (55)

ومات بعدها فعلم الناس بموته فهاجوا وماجوا وكثر الحزن والبكاء، وازدحمت الطرقات وأغلقت الأسواق وانشغل الناس أشد الانشغال، وصلي عليه قبل أن يدفن على ثلاث مرات من شدة الازدحام، صلي عليه في القلعة ثم في الجامع الأموي بعد صلاة الظهر، ثم صلى عليه أخوه زين الدين ثم حمل إلى المقبرة فدفن إلى جانب أخيه شرف الدين رحمهما الله وأسكنهما فسيح جنانه. وظهر مرة أخرى صدق مقولة الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله:

بيننا وبينكم الجنائز.

كم كان عمر ابن تيمية لما توفي

كان عمره رحمه الله تعالى 57 سنة لما توفي رحمه الله تعالى. (661هـ – 728هـ).

هل تزوج ابن تيمية

لم يتزوج شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله عليه، والسبب أنه اشتغل بالعلم والجهاد طيلة حياته، وشغلته الفتن والمحن، فكما ذكرنا قد دخل السجن 4 مرات، وكانت سيرته مليئة بالأحداث التي من المعقول أنها ستمنعه وتشغله عن الزواج، ومثله ينسى الزواج أصلا.

ختاما

القارئ لحياة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، المتأمل في تفاصيلها يتعجب عجبا شديدا منها، فقد كان مثالا لرجل أفنى حياته في سبيل الله، ولا نقول إن ابن تيمية كان معصوما عن الخطأ، لا يقول بهذا مسلم، ولكنه كان رجلا يعظم شرائع الله ظاهرا وباطنا، آتاه الله من الذكاء المفرط والتبحر في العلوم وتقوى الله ما جعله من أصوب الناس رأيا وأكثرهم رسوخا في العلم. نسأل الله أن يرزقنا العلم ويرفعنا به، فالله يرفع الذين أوتوا العلم درجات.

اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علما، واغفر لنا وارحمنا ولشيخنا ابن تيمية وللمسلمين أجمعين، واحشرنا مع نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم.

هذا والله أعلم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

مصادر

القرآن الكريم

كتاب: حول حياة شيخ الإسلام ابن تيمية -محمد سعيد رسلان حفظه الله-

كتاب البداية والنهاية -ابن كثير رحمه الله

شرح العقيدة الواسطية الدرس1-مقدمة 01-02-1439 هـ للشيخ سليمان الرحيلي حفظه الله (فيديو يوتيوب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top