كيف نستقبل شهر رمضان المبارك و نستعد له من الآن

بسم الله الرحمن الرحيم،الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من أرسله الله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا، أما بعد: رمضان موسم من مواسم الطاعات لابد للمسلم أن يستعد له بالعزم والجد، وأن يهيء نفسه لذلك، وهو من نعم الله علينا التي تستجلب الشكر،أن جعله شهرا مباركا، فيه تكون الأعمال أعظم شأنا من غيرها في بقية الشهور،فرغم أنفه من أمد الله في عمره وأدرك هذا الشهر العظيم ولم يغفر له، نسأل الله الإعانة والتوفيق والسداد. في هذا المقال سنتحدث عن: كيف نستقبل شهر رمضان؟ كما ثبت بالكتاب والسنة وما أجمع عليه علماء هذه الأمة.

 

فضل صيام الست من شوال

 

كيف نستقبل شهر رمضان وتستعد له أيها المسلم

معشر المسلمين، أقبل علينا رمضان وهبت علينا نسماته المباركة،فرض اللهﷻ فيه الصيام وسن فيه القيام، شهر تلاوة القرآن، شهر المسارعة والمنافسة في الخيرات، وليعلم العبد المسلم أن الدخول فيه ليس كالخروج منه ففي صحيح ابن حبان رحمة الله عليه، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال:

قال لي جبريل: “رغم أنف عبد دخل عليه رمضان لم يغفر له” فقلت:” آميــن”.

ويقول النبي ﷺ : “إذا كان رمضان فتحت أبواب الرحمة” رواه مسلم.

فعلى المسلم أن يستقبل هذا الشهر الكريم بـ:

كيف نستقبل شهر رمضان ؟ الفرح و السرور

على المسلم أن يفرح بدخول هذا الشهر المبارك وهذا فضل ورحمة ونعمة من الله ﷻ، قال تعالى:

﴿قُلْ بِفَضْلِ ٱللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِۦ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ﴾ [ يونس:58 ]

فقد أكرمنا الله به، فيه تغفرالذنوب، وتمحى السيئات، وتضاعف الحسنات، ويقرب الله تبارك وتعالى من شاء من عباده تقريبا فطوبى لمن بذل الجهد الجهيد ليكون من المقربين.

تهيئة المسلم نفسه لهذا الشهر

عبد الله لابد من إعداد العدة والاستعداد لدخول هذا الموسم، لابد أن يقف المسلم وقفة مع نفسه ويتمعن في حالها، لابد أن يقلع عنه العادات والسلوكيات التي اتخذها في سبيل حياته والتي تتعارض مع سبيل ربه، لابد أن يقلل طعامه ومنامه وكلامه لكي يكون خفيف المنطلق في المسارعة إلى الخيرات.

كان النبي ﷺ يستعد لذلك، فعن عائشة رضي الله عنها قالت:

“ما رأيت النبي ﷺ يصوم في شهر قط خلا رمضان ما كان يصوم من شعبان،وإن كان ليصوم شعبان إلا قليلا” [صحيح البخاري]

فهنا فائدة ينبغي للمسلم أن ينتبه لها أن صيام شعبان كله أو بعضا منه، يزيل عن النفس ثقل صيام رمضان عليها، لأن الانسان معتاد على الأكل في الشهور الأخرى، فالإقلاع عن ذلك يكون صعبا في البداية ثم يسهل ذلك عليه، فيهيء نفسه في شعبان يإزالة سلوك قد تجذر فيه وماهذا إلا تهذيبها.

كيف نستقبل شهر رمضان ؟ التوبة لله جلا وعلا

التوبة التوبة لله رب العالمين فهو يحب التوابين والأوابين، المسلم الكيس الفطن يبادر ويعجل بها فالموت يأتي بغتة ولا يدري متى يموت وهو يعلم أن الزاد قليل، أيريد أن يلقى الله رب العالمين بهذه الحال؟

إذن عليه أن يقلع عن الذنوب والمعاصي وأن يكون مخلصا في ذلك، لابد من مراجعة النفس وتطهيرها عباد الله، أن يتوب توبة نصوحا بالندم على ما سلف منه وألا يعزم على الرجوع فيما لطخ نفسه في المعاصي، وإن أكل حق أخيه المسلم وظلمه فعليه أن يرجع له حقه عاجلا غير آجل لأنه يشترط ذلك في قبول التوبة كما أخبر بذلك أهل العلم.

كيف نستقبل شهر رمضان ؟ كثرة الاستغفار

طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارا كثيرا، فالذكر أحب الأعمال إلى الله تبارك وتعالى وهو أفضل من الجهاد في سبيل الله  كما قال النبيﷺ، فهو يدل على محبة المحبوبﷻ واشتغاله والأنس به فما أعظم أن يصرف العبد قلبه للخالق دون المخلوق.

فعلى المسلم أن يستغفر ربه في كل أحواله، وعلى كل صفة كان عليها ، خير له من أن يشغل لسانه فيما لا ينفعه بل ويضره بل وأشد من ذلك يهوي به إلى ما لا تحمد عقباه.

اجتناب رفيق الســــــوء

إنه لمن السفه أن العبد يدخل عليه رمضان، موسم الطاعات وهو مازال مخالطا لقوم مدبرين عن سبيل الله مجالسا لهم، لا يجد فيهم صلاحا أبدا، هذا هو الجهل بعينه.

فليعلم المسلم بل وليجعلها نصب عينيه أن الصاحب ساحب، فعليك بصحبة صالحة تقر عينك بها في الدنيا وتنفعك في الآخرة وما أعظمها حينما تكون زوجة صالحة أو زوجا صالحا يلتمسان سبل الفلاح رغبة في الآخرة.

الإقبال على تلاوة القرآن بتدبر

على الإنسان أن يفر فرار الأسد عن كل ما يلهيه، وأن ينصرف عن الشوائب والمعكرات التي تعكر صفو حياته والتي أثقلت كاهله، ويتفرغ لكلام الله تبارك وتعالى، ويجتهد في تلاوته، ويتدبر معانيه بقلبه وعقله، في هذا الشهر المكرم بالقرآن، قال تعالى:

﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقانْ﴾ [البقرة: 185 ]

وعليه بتلاوته للقرآن، أن يطبق ما جاء فيه، فعليه بالطاعة في الأوامر، واجتناب الزواجر، وأخذ العبرة من المواعظ وغير ذلك…

وكان جبريل عليه السلام يأتي النبيﷺ في كل ليلة من ليالي رمضان يعرض عليه القرآن ويدارسه إياه ﷺ كما ورد في الصحيحين.

كيف نستقبل شهر رمضان؟ تطهير القلب واللسان 

ينبغي للمرء أن يعلم أن طهارة القلب مسألة عظيمة، لأنه ما من دنس أو نجس تراكم فيه، نكت بسببه نكتة سوداء، تحول بين العبد وربه في فعل الطاعات، والتي تعيق الوصول إلى رضى الرب جلت قدرته، فيجب على المسلم أن يجتهد في تطهيره وأن يفتش عن مواطن الزلل فيه من بغض وحقد وحسد ومشاحنة وعداوة واعتقاد فاسد وغير ذلك..

كما يجب على المرء أيضا أن يطهر لسانه بأن يجتنب كل آفة مذمومة من كذب وفحش وشتم وقول الزور وقد حذر منه النبيﷺ في قوله :

“من لم يدع قول الزور والعمل به،فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه” [صحيح البخاري]

وأن يدع الغيبة التي هي من كبائر الذنوب وأن لا يتخبط في أعراض الناس بغير علم وعدل وأن يدع الرفث واللغو والجدال العقيم وإن سابه أحد فليقل له إني صائم،لقول رسول الله ﷺ :

“أنه إذا كان صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، وإن سابه أحد أو قاتله فليقل: اللهم إني صائم.” متفق عليه.

كيف نستقبل شهر رمضان ؟ تصحيح العقيــــــدة

يجب على المرء أن يكون ذو عقيدة سليمة، صحيحة، ثابتة، وصافية لا يمازجها شيء من هوى المضلين ودجل الدجالين، لأنها أساس قبول الأعمال، وعليه أن يقضي على الشرك بالتوحيد وعلى الرياء بالإخلاص…

كيف نستقبل شهر رمضان ؟ تحصيل التقوى

جعل الله تبارك وتعالى الصوم لتحصيل التقوى فقال:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) ﴾ البقرة.

فمن لم يحصل من الصيام التقوى فما صام، كما قال رسول الله ﷺ. فعلى المرء أن يتقي الله في نفسه، وأن يقبل على ربه بقلبه وروحه وبنية خالصة صالحة، جامعا بين الخوف و الرجاء.

ختاما

ما عسانا نقول إلا ما قاله الله جلت قدرته في كتابه العزيز:﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ﴾[الرعد:11 ]

حتى يخرجنا الله من ذل المعصية إلى عز الطاعة، وحتى يطهر قلوبنا من الآثام، ويسبغ علينا النعم الظاهرة والباطنة.

فنسأل الله أن يهدينا لما اختلف فيه من الحق، وأن يرزقنا البصيرة في الدين، وصلى الله وسلم على النبي الأمين، وآلــه وصحبــه أجمعيـــــــــــن.

المصادر لـ كيف نستقبل شهر رمضان

-القرآن الكـــريم

-السنة النبوية الصحيحة

-مواعظ رمضانية للشيخ رسلان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top