ماهي حياة البرزخ في القرآن والسنة – حياة القبر وعالم البرزخ

عندما يموت الإنسان، يمر من حياته الدنيا إلى حياة أخرى، ينتقل من عالم إلى عالم، من الحياة الدنيا وعالم ما فوق الأرض، هذا العالم المحسوس الذي نعيشه ونحس فيه بما نحس، يمر الإنسان بعد موته إلى عالم يدعى بعالم البرزخ، أو حياة البرزخ. فماهي حياة البرزخ في القرآن والسنة؟

حياة البرزخ

مفهوم حياة البرزخ

البرزخ في اللغة هو الفاصل بين الشيئين، ومنه البرزخ الذي يكون بين النهر والبحر، أو بين الوادي والبحر، الذي يكون واضحا للعيان ويكون قبله ماء عذب فرات وبعده ماء مالح أجاج. وهذا المثل ضربه الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم في سورة الفرقان:

{وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ} 53

أما مفهوم البرزخ الذي نقصده حين نتكلم عن الحياة البرزخية، فهو المرحلة التي تكون بعد الموت وقبل البعث يوم القيامة، وهي حياة القبر، وهي حياة تكون فيها أحداث معينة يمر بها الإنسان على حسب أعماله في الدنيا، فإما شقي وإما سعيد. وحياة البرزخ من عالم الغيب الذي تحدث عنه الله سبحانه وتعالى في القرآن، ورسول الله ﷺ في السنة النبوية المطهرة.

حياة البرزخ في القرآن

قال تعالى في سورة المؤمنون:

{وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ} (100)

وهذا هو الموضع الوحيد الذي ذكرت فيه حياة البرزخ في القرآن الكريم، وهي بمعنى الفاصل بين الحياة الدنيا والحياة الآخرة، وهي ما بعد الموت.

حياة البرزخ في السنة النبوية

كما هو معهود مع السنة النبوية الشريفة، تأتي دائما كأول تفسير للقرآن، فتفسير القرآن بالسنة هو أول مراتب التفسير، ورسول الله ﷺ حدثنا في عدة أحاديث طويلة عن عالم البرزخ وما يكون فيه مع المؤمن والكافر، وهذا ملخص ما جاء عن النبي ﷺ في هذا الباب:

أن الإنسان إذا مات ووضع في قبره وفرغ من دفنه أعاد الله روحه إلى جسده، حتى يسمع قرع نعال الناس وهم خارجون من المقبرة، فيأتيه ملكان من الملائكة فيقعدانه ويسألانه عن ثلاث: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟

فأما المؤمن: فيقولانِ لَهُ: مَن ربُّكَ ؟ فيقولُ: ربِّيَ اللَّهُ، فيقولانِ: ما دينُكَ ؟ فيقولُ: دينيَ الإسلامُ، فيقولانِ لَهُ: ما هذا الرَّجلُ الَّذي بُعِثَ فيكم ؟ قالَ: فيقولُ: هوَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ، فيقولانِ: وما يُدريكَ ؟ فيقولُ: قرأتُ كتابَ اللَّهِ فآمنتُ بِهِ وصدَّقتُ. فذلِكَ قولُ اللَّهِ عزَّ وجلَّ يُثبِّتُ اللَّهُ الَّذينَ آمَنُوا فينادي منادٍ منَ السَّماءِ: أن قَد صدقَ عَبدي، فأفرِشوهُ منَ الجنَّةِ، وافتَحوا لَهُ بابًا إلى الجنَّةِ، وألبسوهُ منَ الجنَّةِ فيأتيهِ من رَوحِها وطيبِها ويُفتَحُ لَهُ فيها مدَّ بصرِهِ.

وأما الكافر: فيقولانِ: من ربُّكَ ؟ فيقولُ: هاهْ هاهْ هاهْ، لا أدري، فيقولانِ لَهُ: ما دينُكَ ؟ فيقولُ: هاهْ هاهْ، لا أدري، فيقولانِ: ما هذا الرَّجلُ الَّذي بُعِثَ فيكُم ؟ فيقولُ: هاهْ هاهْ، لا أدري، فُينادي منادٍ منَ السَّماءِ: أن كذَبَ، فأفرشوهُ منَ النَّارِ، وألبِسوهُ منَ النَّارِ، وافتَحوا لَهُ بابًا إلى النَّارِ، فيأتيهِ من حرِّها وسمومِها، ويضيَّقُ عليْهِ قبرُهُ حتَّى تختلِفَ فيهِ أضلاعُهُ، ثمَّ يقيَّضُ لَهُ أعمى أبْكَمُ معَهُ مِرزبَةٌ من حديدٍ لو ضُرِبَ بِها جبلٌ لصارَ ترابًا، فيضربُهُ بِها ضربةً يسمَعُها ما بينَ المشرقِ والمغربِ إلَّا الثَّقلينِ فيَصيرُ ترابًا، ثمَّ تعادُ فيهِ الرُّوحُ.

فحال المؤمن في قبره في نعيم ورواح وأنس، وأما الكافر فهو في عذاب القبر إلى يوم القيامة، وهذا المذكور في الحديث عذاب القبر، فما بالك بعذاب جهنم والعياذ بالله؟ نسأل الله السلامة.

ولكن عذاب القبر هذا عذاب من عالم الغيب، ولا يمكننا الاطلاع عليه، فلو فتحنا القبر مثلا وأردنا الاطلاع على صاحبه لما وجدنا شيئا مما يذكر، فهذا العذاب ليس من العالم المحسوس، وإنما من الغيب الذي لا يمكننا إدراكه بالحواس. ولكننا نؤمن به كما نؤمن بسائر الأمور الغيبية.

ختاما

فحياة البرزخ هذه هي المرحلة التي تكون بين الحياة الدنيا والحياة الآخرة، وهي التي يتبين فيها الإنسان أهو من أهل النعيم أم من أهل الشقاء في الآخرة، وهي بداية حساب العبد، وبعدها يبعث الإنسان من مرقده في يوم القيامة، ثم يحشر الناس إلى أرض المحشر وينفخ النفخة الثانية ويحاسب الناس على أعمالهم ويجازون بين ساكن جنة وساكن نار.

نسأل الله أن يجعلنا من أهل الجنة ونعوذ به من عذاب النار.

اللهم إنا نعوذ بك من عذاب في القبر، وعذاب في النار، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال. اللهم اجعلنا ممن يفتح لهم باب للجنة في قبورهم، ولا تجعلنا ممن يفتح لهم باب من النار.

هذا والله أعلم، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

مقالات مشابهة

قصة الإسراء والمعراج وما رآه الرسول ﷺ فيها

مصادر

القرآن الكريم

السنة النبوية الصحيحة –موقع حديث للتحقق من صحة الأحاديث-

تفسير ابن كثير

فتاوي الشيخ ابن العثيمين رحمه الله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top