قصة أصحاب الكهف – سبب التجائهم إلى الكهف و كيف خرجوا و الفوائد من القصة

أصحاب الكهف هم رهط فتية كانوا مؤمنين في عهد ملك ملوك الروم يدعى دقيانوس على أرجح الأقوال، و كان أهل الروم وقتها مشركين بالله يعبدون الأصنام، خالفوا قومهم في هذا الشرك الذي هو ظلم عظيم، فقرروا أن يعتزلوا الناس و ما يعبدون هروبا من الفتنة حتى يقضي الله لهم أمرا. فضرب الله على آذانهم في ذلك الكهف سنينا ثم أيقظهم ليبين لهم حكمته و قدرته سبحانه و تعالى.

و هذه القصة وردت في سورة الكهف، في الآيات 9 إلى 26 ، و فيها من العبر و الحكم ما شاء الله، و يقص علينا الله هذه القصص ليثبت أفئدتنا و يبين لنا حكمته تعالى و قدرته و أنه بكل شيء عليم و أنه على كل شيء قدير.

التجاء أصحاب الكهف إلى الكهف

و مفاد هذه القصة أن هؤلاء الفتية كانوا رهطا، و الرهط هو ما بين الثلاثة إلى 9 أشخاص، و كانوا مؤمنين و يعيشون بين قوم مشركين، فقرروا أن يهجروهم و يعتزلوهم اتقاء لهذه الفتنة، فذهبوا إلى كهف خارج المدينة و ارتأوا أن يلجؤوا فيه حتى يقضي الله لهم أمرا.

و عددهم كما قال تعالى، إما ثلاثة و رابعهم كلبهم، و إما خمسة و سادسهم كلبهم، و إما سبعة و ثامنهم كلبهم، ثم قال تعالى: قل ربي أعلم بعدتهم. فنحن نلتزم بما قال الله: الله أعلم بعدتهم. و ما يعلمهم إلا قليل، فلا يمكننا الجزم بأي قول، و نرد العلم لله سبحانه و تعالى، تنفيذا لأمره و اجتنابا للوقوع في الخطأ.

و هذه من أعظم الحكم التي يعلمنا الله إياها في هذه القصة، أن إذا اشكل أمر على المؤمن و لم يعلمه أن يرد العلم لله فيقول: الله أعلم.

فضربنا على آذانهم

و لما التجأوا إلى الكهف دعوا الله: ربنا آتنا من لدنك رحمة و هيئ لنا من أمرنا رشدا. ثم ناموا في ذلك الكهف فضرب الله على آذانهم عدة سنين فلم يفيقوا من رقدتهم، و جعل الشمس إذا طلعت تبتعد عن كهفهم يمينا و إذا غربت تبتعد عنه شِمالا، حتى لا توقظهم، و أرسل لهم ملائكة يقلبونهم يمينا و شمالا حتى لا تأكل الأرض أجسادهم، و كلبهم باسط ذراعيه أمامه و راقد هو الآخر.

و كان كل من اطلع عليهم يفر منهم، و كانوا يبدون لمن رأوهم مستيقظين و هم رقود، و هذا من حكمته تعالى حتى لا يوقظهم أحد و لا يقترب منهم.

و لبثوا في هذا الكهف رقودا ثلاثمئة سنة و ازدادوا تسعا كما قال تعالى، و اختلف علماء التفسير في تفسير معنى هذا، لكن الثابت أنها ما بين 300 سنة و 309 سنين، بالسنوات الشمسية أو القمرية، و الله أعلم بما لبثوا.

بعث أصحاب الكهف

ثم بعثهم الله سبحانه و تعالى من مرقدهم، فلما قاموا تساءلوا بينهم، فقال أحدهم: كم لبثتم؟ فقالوا: لبثنا يوما أو بعض يوم. فكانوا يشعرون أنهم ناموا ليوم واحد أو أقل من ذلك، ثم ردوا علم ذلك إلى الله، فقالوا: الله أعلم بما لبثتم. ثم بعثوا أحدهم إلى المدينة و أعطوه المال ليأتي لهم ببعض الطعام، و أمروه أن يحذر و لا يشعر أحدا بهم، لأنهم يظنون أنهم ناموا يوما واحدا، فخشوا على أنفسهم من القتل أو العذاب أو أن يردوهم إلى ملة الشرك و الكفر.

فلما ذهب هذا الرجل ليأتي لهم بالطعام قدم تلك النقود للتجار فقالوا له أن هذه نقود من عهد الملق دقيانوس، ثم عرف أن هذا الزمن غير الزمن الذي عاشوا فيه سابقا، و أن هذا الزمن آمن فيه الناس و عادوا إلى الحق، و صار لديهم ملك صالح.

ثم عاد إلى أصحابه في الكهف على عدة أقوال، بين من قال أنه عاد مع الملك و بين من قال أن أمرهم ظهر و عدة أقوال نرد علمها إلى الله، و نأخذ العبرة من القصة، و لو علم الله في معرفتنا لهذه الأخبار خيرا لذكرها لنا مع القصة.

موت أصحاب الكهف

ثم توفى الله أصحاب الكهف في ذلك الكهف، و تنازعوا هنالك حول ما سيفعلونه بهم، فقال بعضهم ابنوا عليهم بنيانا، و قال أغلبهم لنتخذن عليهم مسجدا، فالراجح أنهم أغلقوا عليهم كهفهم فصار قبرا لهم، و بنوا فوقه مسجدا.

الفوائد من قصة أصحاب الكهف

  • نبذ الشرك بالله و نصرة التوحيد و عبادة الله وحده.
  • حكمة اعتزال الناس إذا كانوا على باطل.
  • حكمة الخوف من الفتنة و الهروب منها.
  • العبرة أن الحق ليس مع الكثرة دائما، بل قد يكون مع عدة أفراد أو حتى فرد واحد.
  • حكمة رد العلم إلى الله.
  • بيان قدرة الله سبحانه و تعالى و أنه على كل شيء قدير.
  • حكمة أن الله يهدي من يشاء و يضل من يشاء، و متى يشاء.

ختاما

إن قصص القرآن الكريم قصص عظيمة، لأنها من عند الله سبحانه و تعالى، تحمل حكما و فوائدا عظيمة، علينا إذا قرأناها أن نأخذ العبرة منها، و لهذا يقصها علينا سبحانه و تعالى، حتى نتأسى بمن سبقنا من الأولين و بما كانوا عليه من أحوال، فننتصر للحق حيث كان، أكان عند القلة أم عند الكثرة، أم عند الأقوياء أم الضعفاء، أم الأغنياء أم الفقراء.

فالفاصل في الحق لا الغنى و لا الفقر، و لا القوة و لا الضعف، و لا الكثرة و لا القلة، و إنما الفاصل هو مضمون الحق و ذاته الخالية من الشوائب، فإذا كان هذا الحق من الله سبحانه و تعالى فعلينا نصرته حتى آخر رمق، و إن كان باطلا فعلينا هجره و تركه و محاربته.

اللهم أرنا الحق حقا و ارزقنا اتباعه، و أرنا الباطل باطلا و ارزقنا اجتنابه، و اجعلنا هداة مهتدين، و اجعل خير أيامنا يوم نلقاك. و صل اللهم على نبيك محمد و على آله و صحبه أجمعين.

مواضيع مشابهة:

قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام – قصة خليل الله إبراهيم عليه السلام

قصة سيدنا آدم عليه السلام ، خلقه ، أبناؤه ، الأحداث في حياته ، وفاته .

مصادر

القرآن الكريم

كتاب البداية و النهاية –ابن كثير-

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top