قصص عن عدل عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- فاروق الأمة

عمر الفاروق –رضي الله عنه- هو ثاني الخلفاء الراشدين بعد أبي بكر الصديق –رضي الله عنه، و هو من العشرة المبشرين بالجنة، هاجر مع رسول الله ﷺ إلى المدينة و جاهد معه في بدر و أحد و غيرهما و شهد معه المشاهد، و كان قويا مؤمنا ذا رأي سديد و حكمة، نصر به الله الإسلام و المسلمين عند إسلامه و عند توليه الخلافة، اشتهر بعدله بين المؤمنين في زمن خلافته، و في هذا المقال نتحدث عن قصص عن عدل عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- . و هي كلها قصص حدثت في زمن خلافته رضي الله عنه.

قصص عن عدل عمر بن الخطاب –رضي الله عنه-

قصة من قصص عن عدل عمر : لا يحل لعمر من مال الله إلا حلتين

ثبت عن الفاروق عمر –رضي الله عنه- أنه قال: لا يحل لعمر من مال الله إلا حلتين: حلة الشتاء و حلة الصيف، و ما حج به و اعتمر، و قوت أهلي كرجل من قريش ليس بأغناهم، ثم أنا رجل من المسلمين.

فقد كان عمر –رضي الله عنه- زاهدا في الدنيا مقبلا على الآخرة، و له من الورع و تقوى الله ما ينفر به من الكبر و الملذات فراره من النار، و هذه القصة تدل على ذلك.

قصة من قصص عن عدل عمر : و أما عمر فأرادته الدنيا و لم يردها

قال معاوية بن أبي سفيان –رضي الله عنه- عن عمر –رضي الله عنه- : أما أبو بكر فلم يرد الدنيا و لم ترده، و أما عمر فأرادته و لم يردها، و أما نحن فتمرغنا فيها ظهرا لبطن.

و في هذا السياق توجد قصة أخرى، كلمه بعض أولاده فقالوا: لو أكلت طعاما طيبا كان أقوى لك على الحق. و كان يأكل كما يأكل الفقراء و كان يقدر على أن يأكل كما يأكل الأغنياء، فقال: أكلكم على هذا الرأي؟ قالوا: نعم. قال: قد علمت نصحكم و لكني تركت صاحبيَّ على جادة، فإن تركت جادتهما لم أدركهما في المنزل.

و الجادة هي الطريق القويم الصعب، و كان يخشى على نفسه أن تأخذه الدنيا و ملذاتها.

قصة عذبت بهيمة في شهوة عمر

قال عمر بن الخطاب يوما: لقد خطر على قلبي شهوة السمك الطري. فسار غلام له يدعى يرفأ فسار أربع أيام ذهابا و إيابا، و اشترى له سمكا ثم عمد إلى راحلته فغسلها، و لما أتى عمرا قال له: انطلق حتى أنظر إلى الراحلة، فلما نظر إليها قال له: نسيت أن تغسل هذا العرق الذي تحت أذنها، عذبت بهيمة في شهوة عمر، لا و الله لا يذوق عمر مكتلك.

فلم يأكل من هذا السمك، و هذا من شدة عدله و رحمته بالناس و البهائم، فلم يعجبه أن سافر بالبهيمة فعذبها من أجل شهوة اشتهاها عمر.

قصة سفره إلى الشام بالجمل

سافر عمر –رضي الله عنه- مرة إلى بلاد الشام، فنزل بمكان يدعى الجابية، و قص أحد سكانها أنه لما رآه من بعيد رآه على جمل، و صلعته تلمع في الشمس ليس على رأسه قلنسوة و لا عمامة، راكب جمله على كساء من صوف هو فراشه إذا نزل، فكان جمله بلا ركاب، و حقيبته محشوة ليفا هي وسادته إذا نزل، و عليه قميص جيبه قد اخترق.

فلما وصل القرية قال: ادعوا لي رئيس القرية، فدعوه فقال له: اغسلوا قميصي و خيطوه و أعيروني قميصا، و أحضروا له قميصا من كتان فسألهم: ما الكتان؟ و لم يكن يعرفه قبل ذلك، و لما غسلوا له قميصه و رقعوه لبسه و أعاد لهم قميصهم.

ثم قال له رئيس القرية: أنت ملك العرب و هذه بلاد لا تصلح فيها الإبل. فأتي ببرذون و هو الحصان التركي فطرح عليه قطيفة بلا سرج و لا رحل، فلما سار هنيهة قال: احبسوا، ما كنت أظن الناس يركبون الشيطان، هاتوا جملي.

و هذه القصة تحمل الكثير من الدلالات و العبر عن حياته و عدله –رضي الله عنه-، فرغم أنه خليف المسلمين و له أن يأخذ من خزينة المسلمين ليشتري لنفسه ملبسا جديدا، و له أن يركب حصانا بسرج مريح و سريع، و لكنه يأبى إلا أن يكون شأنه شأن عامة المسلمين فلا يشعروا أبدا أنه غني و هم فقراء.

قصة إن نفسي أعجبتني فأردت أن أذلها

و ثبت عنه مرة أنه حمل قربة على عنقه، فقيل له في ذلك فقال: إن نفسي أعجبتني فأردت أن أذلها.

قصة إني و الله ما أعول ولدك فاسع عليهم أيها الرجل

رأى عمر –رضي الله عنه- جارية هزيلة، فقال: من هذه؟ فقال ابنه عبد الله –رضي الله عنه-: هذه إحدى بناتك. قال: و أي بناتي؟ قال عبد الله: بنتي. فقال: ما بلغ بها ما أرى؟ قال عبد الله: عملك! لا تنفق عليها. قال عمر –رضي الله عنه-: إني و الله ما أعول ولدك فاسع عليهم أيها الرجل.

فهذه الفتاة كانت حفيدة عمر –رضي الله عنه- قد أضناها الجوع حتى هزلت هزلا شديدا، فلما سأل عنها و علم أنها حفيدته قد بلغ بها الجوع هذا قال لابنه: لا أنفق على ولدك. و ذلك مع أنه خليفة المسلمين و له من المال ما يقدر به على الإنفاق على أولاده و أولادهم، لكنه أمره هو أن ينفق على أولاده، و هذا من شدة عدله و ورعه.

قصة لا و الله لا آويها إلى سقف حتى أمضيها

و لما فتحت بلاد فارس أتي بكنوز كسرى، فقيل له: أتجعلها في بيت المال حتى تقسمها؟ فقال عمر –رضي الله عنه-: لا و الله لا آويها إلى سقف حتى أمضيها. فوضعها في وسط المسجد و باتوا يحرسونها، فلما أصبح كشف عنها فرأى من الحمراء و البيضاء ما يكاد يتلألأ، فبكى فقيل له: ما يبكيك يا أمير المؤمنين؟ فقال: ويحك إن هذا لم يعطَه قوم إلا أُلقيت بينهم العداوة و البغضاء.

فلم يرض بوضعها في بيت المال حتى يقسمها بين المسلمين، ثم يضع ما قسم لبيت المال فيه، و لما رأى الكنوز بكى خوفا على المسلمين منها، فلم ينظر إلى بريقها و تلألئها بعين المعجب الحريص على الدنيا، و إنما رآها بعين المشفق على حال أمته من فتنة الأموال.

عام الرمادة ، قصص عن عدل عمر

و له في عام الرمادة قصص يندى لها الجبين، و هو العام الذي نزل فيه القحط على المسلمين فأصاب المدينة المنورة فكاد أن يهلك أهلها، و دام هذا القحط حوالي الثمانية أو التسعة أشهر فصار لون الأرض و وجوه الناس كالرماد، فسمي بعام الرمادة. و حدثت فيها قصص عن عدل عمر كثيرة جدا.

و من ما قص عليه أنه لم يأكل السمن عام الرمادة لأنه غال، لا لأنه ليس معه ثمنه، و إنما عدلا و تسوية لنفسه بعامة المسلمين و أغلبهم، فكان يأكل الزيت فقط، و سمع أنس –رضي الله عنه- بطنه تقرقر مرة فنقرها عمر بإصبعه و قال: إنه ليس عندنا غيره حتى يحيا الناس. و هذه من أشهر قصص عن عدل عمر .

و حكى الناس عنه أنهم ظنوا أنه سيموت في ذلك العام من شدته و تشديده على نفسه و مساواتها بالمسلمين. فكان عدله يبلغ الآفاق، رضي الله عنه و أرضاه، و أسكنه الجنة مع رسوله الكريم عليه صلاة الله و سلامه.

ختاما

كان هذا هو عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- ، الذي يضرب به المثل في العدل، آمن بالله و رسوله و نصره و جاهد معه في الله حق جهاده، و استخلف على المسلمين ففتح الله به من بلاد المسلمين ما لم يفتح قبل ذلك، أظهر الله به الإسلام مرتين، فكان بحق عزة للإسلام و المسلمين، ألا و هو خير رجل بعد رسول الله ﷺ و صاحبه أبي بكر الصديق –رضي الله عنه-. رضي الله عنه و أرضاه.

اللهم اجعلنا خير خلف لخير سلف، و وفقنا للاقتداء بهؤلاء الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه و لم يبدلوا تبديلا.

مصادر

سير أعلام النبلاء-للذهبي-

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top