قصة سيدنا يونس عليه السلام – التقام الحوت له و دعاؤه…

سيدنا يونس عليه السلام هو الملقب بذي النون، و هو رسول أرسله الله إلى أهل نينوى في أرض الموصل، و هي الآن في شمال العراق، و هو النبي الذي دعا بالدعاء المشهور: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. فما هي مناسبة دعائه لهذا الدعاء؟ و لماذا خرج من بين قومه؟ و كيف من الله عليه و أنجاه من الغم؟

خروج يونس من بين قومه و ركوبه في السفينة

كان يونس عليه السلام يدعو قومه فدعاهم زمنا يعلمه الله، فاستمروا على كفرهم و عنادهم، فلما طال عليه الأمر خرج من بينهم، و ركب سفينة تاركا إياهم، و وعدهم بأنهم آتيهم عذاب أليم. و خرج من بينهم مغاضبا.

و لكن خروجه من قريته لم يكن أمرا أمره الله به، و لكنه خرج مغاضبا على قومه و بشرهم بالعذاب، و لم يذكر لنا الله سبحانه و تعالى مما كان يونس عليه السلام يهرب، و قال: إذ أبق إلى الفلك المشحون. أي أنه هرب من شيء ما. ثم قال تعالى بعد ذلك: و هو مليم. أي أنه ملام على ما فعله، و الله أعلم بما فعل.

و قال بعض العلماء: ربما كان خطأه أنه خرج بغير أمر الله، و الله أعلم في ذلك.

حال قومه من بعده

و لما خرج يونس عليه السلام من بين أظهر قومه رأوا أمارات العذاب أمامهم، و تحققوا نزول العذاب بهم، حينها قذف الله في قلوبهم التوبة و الإنابة و الإيمان، فآمنوا و استغفروا الله و بكوا و تضرعوا لله أن يغفر لهم استكبارهم و كفرهم بنبيهم فغفر الله لهم و رفع عنهم العذاب، و متعهم حتى حين كما قال في القرآن الكريم: فلولا كانت قرية ءامنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا و متعناهم إلى حين.

و قال المفسرون في معنى هذه الآية أن قوم يونس هم القوم الوحيدون الذين لما آمنوا آمنوا جميعا بأكملهم فكشف عنهم العذاب بعد أن نزل بهم و دار على رؤوسهم كقطع الليل المظلم.

إلقاء يونس عليه السلام في البحر

و لما انطلق في السفينة و ظن أنه قد نجا، لجت ب\السفينة بمن بها و اضطربت، و ماجت بهم و ثقلت و كادوا يغرقون، فاقترعوا فيما بينهم على أنه من وقعت عليه القرعة أنه يلقى في البحر لتخف السفينة فينجو الباقي.

و اقترعوا فوقعت القرعة على يونس عليه السلام، و قيل أنهم لم يسمحوا به فأعادوها فوقعت عليه، فلم يسمحوا ثانيا فأعادوها ثالثا فوقعت عليه، فألقي في البحر. قال تعالى: <<فساهم فكان من المدحضين، فالتقمه الحوت و هو مليم>> الصافات41-42.

دعاء يونس عليه السلام

و أوحى الله إلى حوت فابتلعه دون أن يمزق لحمه أو يؤذيه، فلما التقمه الحوت نادى في الظلمات أن: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. و كان هذا الدعاء إقرارا منه لله بالألوهية و استغفارا و توبة على ما أخطأ فيه. فلما تاب تاب الله عليه، و الله تواب رحيم. فكان هذه هي مناسبة دعائه بهذا الدعاء.

فاستجاب الله تعالى له و نجاه من الغم، فأوحى لذلك الحوت أن يقذفه فقذفه على شاطئ، و أنبت عليه هناك شجرة من يقطين، فأنعم عليه و أنجاه بعد أن كان في بطن الحوت، و لولا أن سبح الله للبث في بطنه إلى يوم القيامة كما قال تعالى: فلولا أن كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون.

قال بعض العلماء: إنبات اليقطين الذي هو القرع ليونس عليه السلام فيه فوائد جمة، منها أن ورق اليقطين غاية في النعومة و كثير ظليل، يؤكل ثمره من أول طلوعه إلى آخره نيئا و مطبوخا، و غير ذلك من فوائد اليقطين.

ثم قال تعالى: و أرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون. فاختلف العلماء فيما إذا كان أعاد إرساله لقومه أم أن هؤلاء قوم آخرون، أم أنه لم يرسل لقومه إلا بعد أن التقمه الحوت، و الله أعلم في ذلك.

وصية رسول الله ﷺ بالدعاء بدعاء يونس بن متى عليه السلام

و ذكر في غير حديث الوصية بهذا الدعاء، و دعاء رسول الله ﷺ به، و منها الحديث الذي رواه سعد بن أبي وقاص أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: <<ألا أخبركم بشيء إذا نزل برجل منكم كرب أو بلاء من أمر الدنيا دعا به ففرج عنه؟ دعاء ذي النون: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين>> رواه الألباني في صحيح الجامع.

و روى علي بن أبي طالب أيضا أنه خرج مع النبي ﷺ يوما إلى حرة المدينة فرفع النبي ﷺ رأسه إلى السماء فقال: <<لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت>> ثم التفت إلى علي رضي الله عنه و ضحك و قال له: ألا تسألني مم ضحكت؟>> فقال علي: مم ضحكت يا رسول الله؟ فقال النبي ﷺ: <<إن ربك سبحانه و تعالى يعجب من عبده إذا قال: رب اغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب غيرك>>. صححه الألباني من صحيح الترمذي.

فدعاء ذي النون دعاء عظيم، إذا اهتم الإنسان بشيء من هموم الدنيا فليدع به عسى الله أن يفرج عنه همه و يزيل كربه.

ختاما

قصة يونس بن متى فيها عبر عظيمة جليلة، منها أن الله يغفر لمن يشاء و يعذب من يشاء، و منها أنه من تاب إلى الله فإن الله يتوب عليه، و منها أن الله على كل شيء قدير، فكما أنجاه من بطن الحوت فهو يقدر على كل شيء، و منها أن الله لا يعذب قوما آمنوا به. و غير ذلك كثير من العبر الجليلة.

قصص أنبياء آخرين

قصة زكريا عليه السلام و ابنه يحيى عليه السلام – حياتهما و ما كان فيها

قصة سيدنا سليمان عليه السلام – الأحداث في قصته، ملكه العظيم، وفاته.

مصادر

القرآن الكريم

السنة النبوية الصحيحة –موقع حديث للتحقق من صحة الأحاديث-

كتاب قصص الأنبياء –ابن كثير-

تفسير الإمام السعدي رحمه الله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top