فضل حفظ القرآن الكريم في الدنيا والاخرة

إن القرآن الكريم هو كتاب الله عز وجل، وهو كلامه جل وعلا، أنزله على خير الخلق أجمعين نبينا ورسولنا محمد الأمين ﷺ، وقد تحدث رسول الله ﷺ عن حفظة القرآن الكريم ومتعلميه، وبشرهم بالخير العظيم والثواب الجزيل، وهذا هو موضوع مقالنا: فضل حفظ القرآن الكريم في الدنيا والاخرة .

فضل حفظ القرآن الكريم

فضل حفظ القرآن الكريم في الآخرة

إن القرآن الكريم له فضل كبير على صاحبه في دنياه قبل آخرته له ولوالديه إذا علما ولدهما القرآن ، وسنبدأ بفضله في الآخرة قبل فضله في الدنيا لأن الآخرة هي دار القرار، والإعداد للآخرة هو الذي ينفع العبد.

  • أن القرآن يأتي لصاحبه يوم القيامة كالرجل الشاحب يخبره أنه له ذخر وغنيمة يوم القيامة.
  • أن صاحب القرآن يوم القيامة يعطى الملك بيمينه والخلد بشماله. أي أن الله يؤتيه الملك والخلود، فهو ملك في الجنة خالد فيها لا يموت.
  • يوضع على رأس صاحب القرآن يوم القيامة تاج من الوقار.
  • يكسى والدا صاحب القرآن يوم القيامة حلتان لا تقوم لهما الدنيا وما فيها، أي من جمال هذه الحلتين هما أجمل من الدنيا وما فيها.
  • وهذه الفضائل التي ذكرناها ثابتة في حديث رسول الله ﷺ الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه:
  • { يَجيءُ القُرآنُ يومَ القِيامةِ كالرَّجُلِ الشَّاحِبِ، يَقولُ لصاحِبِهِ: هل تَعْرِفُني؟ أنا الَّذي كُنتُ أُسهِرُ لَيْلَكَ، وأُظْمِئُ هَواجِرَكَ، وإنَّ كلَّ تاجرٍ مِن وراءِ تِجارَتِهِ، وأنا لكَ اليومَ مِن وراءِ كلِّ تاجرٍ. فيُعطَى المُلْكَ بيمينِهِ، والخُلْدَ بشِمالِهِ، ويُوضَعُ على رأسِهِ تاجُ الوقارِ، ويُكْسَى والِداهُ حُلَّتَيْنِ لا تَقُومُ لهُما الدُّنْيا وما فيها، فيَقولانِ: يا ربِّ، أنَّى لنا هذا؟ فيُقالُ: بتعليمِ وَلَدِكُما القُرآنَ.} صححه الألباني.

  • أجر تعلم القرآن أجر عظيم، حتى أن رسول الله ﷺ أخبر أن الذهاب إلى المسجد وتعلم آيتين خير من الخروج إلى وادي بطحان أو العقيق (واديان بالقرب من المدينة المنورة) فيعود بناقتين عظيمتين، وثلاث آيات خير من ثلاث نوق، وأربع خير من أربع، وهكذا… فقد ثبت عنه ﷺ أنه قال في الحديث الذي رواه عقبة بن عامر رضي الله عنه:
  • { أيُّكُم يُحبُّ أن يغدوَ كلَّ يومٍ إلى ( بُطْحانَ ) أو إلى ( العقيقِ ) فيأتيَ منهُ بناقتَينِ كَوْمَاوَيْنِ زَهْرَاوَيْنِ ، بغيرِ إثمٍ باللهِ عزَّ وجلَّ ، ولا قطْعِ رحِمٍ . قالوا : كلُّنا يا رسولَ اللهِ . قال : فلأن يغدُوَ أحدُكُم كلَّ يومٍ إلى المسجدِ فيعلمَ آيتَينِ مِن كتابِ اللهِ ، خيرٌ لهُ مِن ناقتَينِ ، وإنْ ثلاثٌ فثلاثٌ مثلُ أعدَادِهنَّ } صححه الألباني.

  • قراءة القرآن الكريم في ذاتها فيها أجر عظيم، فبكل حرف يقرأه الإنسان من القرآن الكريم حسنة، والحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمئة ضعف ويزيد الله لمن يشاء. فما بالك بحافظ القرآن يقرأه آناء الليل وأطراف النهار؟
  • القرآن حجة لصاحبه يوم القيامة، لكن على الإنسان أن يحذر أيضا من أن يصير القرآن حجة عليه، وهذا إذا كان الإنسان يحفظ القرآن ولا يعمل به، فحفظ القرآن يستوجب أيضا العلم بمقتضاه.

فضل حفظ القرآن الكريم في الدنيا

نأتي الآن إلى فوائد و فضل حفظ القرآن الكريم في الدنيا، وهي فوائد عظيمة جليلة، ومنها ما يساهم في آخرة الإنسان ويعينه على تقوى الله وخشيته.

  • القرآن يزيد تعلق القلب بالله جل في علاه، لأن قراءته بتدبر وتمعن تجعل صاحبها يتفكر في عظمة الله ورحمته بخلقه… فيزيد بذلك حبه لله وتعظيمه له وتعلق قلبه به، وما ينجي العبد المؤمن ويقوي إيمانه إلا تعلق القلب بالله وحده لا شريك له. فيفلح الإنسان بهذا في الدنيا والآخرة، ولتعلق القلب بالله ثمرات جليلة لا تعد ولا تحصى، من طمأنينة القلب وارتياحه وحلاوة الإيمان وتيسير الأمور…
  • أن القرآن العظيم ذخر لحافظه وغنيمة، لأنه به يحصن نفسه ويتعلم شرع الله، وليس أفضل من كتاب الله علما يحصن به الإنسان نفسه ويعصمها عن المنكرات والفواحش والمعاصي والفتن والمنكرات.
  • القرآن الكريم يقوي الذاكرة والعقل
  • وهذا من آثار القرآن العظيمة، أنه يقوي ذاكرة الإنسان وعقله، وقد أثبت هذا الكثير من الدراسات العلمية الحديثة.
  • تقوية اللغة العربية والخطابة والإلقاء، وذلك لأن تعلم القرآن يصون اللسان ويعوده على المخارج الصحيحة للحروف والنطق السليم للغة العربية القرشية الفصيحة.
  • التخلص من الخوف والقلق والأحزان، وهذا بتعلق القلب بالله وبكتابه.
  • زرع الهدوء النفسي والثبات في النفس، وهذا بسبب قوة الإيمان.
  • القرآن شفاء، وقد ثبت هذا في القرآن نفسه، قال تعالى:
  • { وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (82)} الإسراء.

  • وقد قال المفسرون في هذه الآية أن القرآن كله شفاء على عكس ما يفهمه معظم الناس اليوم، وهذا لأن لفظة ‘من’ هنا لبيان الجنس لا لبيان التبعيض. أي أنها لا تدل على أن القرآن بعضه شفاء للناس، وإنما تدل على أن من فوائد القرآن الشفاء، وأنه بذاته شفاء للمؤمنين، وخسارة وخيبة للظالمين. وفي هذا الموضوع كلام طويل عريض، وقد عنى به الكثير من العلماء منهم ابن قيم الجوزية رحمه الله في كتبه مثل الداء والدواء، وكتاب مدارج السالكين وغيرها.

فضل حفظ القرآن الكريم للأطفال

إن حفظ القرآن الكريم ينفع صاحبه ووالديه أيضا كما ذكرنا سابقا، فتحفيظ القرآن الكريم للأطفال سبب عظيم للوالدين لنيل جنة الخلد التي وعد الله، وبجانب ذلك فحفظ القرآن الكريم للأطفال مفيد أكثر من الكبار، وأهم ما يجعله كذلك:

  • أن الأطفال لديهم قدرة أكبر على الحفظ وترسيخ ما يحفظونه، على عكس الكبار الذين يصعب عليهم الحفظ، ثم يصعب عليهم ترسيخ ما يحفظونه.
  • أن القرآن للأطفال على صغرهم يجعلهم يتربون به وعلى أسسه المتينة، وكيف لا وهو كتاب الله؟ فإذا نشأ الطفل على كتاب الله نشأ نشأة سليمة بإذن الله. فهو أفضل وسائل التربية على الإطلاق.

كيف أحفظ القرآن؟

إن حفظ القرآن مشروع كبير وفارق في حياة الإنسان، لأن حفظه من شأنه أن يغير حياة الإنسان، ولا نقول أن حفظ القرآن صعب، لأن كل شيء مع التوكل على الله سهل، وإنما نقول أنه يحتاج إلى الاجتهاد والمثابرة. أما طريقة حفظ القرآن بالضبط فهي على حسب كل إنسان وما يحبه ويستطيعه، وهذه بعض النصائح في طريقة حفظ القرآن الكريم:

  • الإخلاص لله تعالى بحفظ القرآن الكريم، وعدم ربط هذا العمل بأي حاجة من حوائج الدنيا، فقد أخبر النبي ﷺ أن أكثر منافقي هذه الأمة قراؤها، لأن قراءة القرآن دون إخلاص لله عز وجل يورث النفاق والعياذ بالله.
  • شكر الله عز وجل على هذه النعمة حتى تدوم وتزيد، فهو القائل:
  • ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾ [إبراهيم: ٧].

  • الحفظ في أوقات ما بعد صلاة الفجر وبعد صلاة العصر، لأن الإنسان في هذه الأوقات يكون أكثر نشاطا وتركيزا واستيعابا.
  • الحفظ على معدة فارغة، وهذا ينصح به العلماء والمجربون.
  • اختيار أسلوب مناسب على حسب كل إنسان، المهم أن يكون أسلوبا ناجحا معه.
  • المراجعة الدورية لما حفظه الإنسان من قبل حتى لا ينساه، فالقرآن الكريم سريع النسيان جدا، فقد قال رسول الله ﷺ في الحديث الذي رواه أبو موسى الأشعري رضي الله عنه:
  • { تَعاهَدُوا القُرْآنَ ، فوَالَّذِي نَفسِي بِيدِه ، لَهُوَ أشَدُّ تَفَصِّيًا من قُلُوبِ الرِّجالِ من الإبلِ من عُقُلِها} صححه الألباني. فحفظه يحتاج إلى تعاهده ومراجعته حتى لا ينسى.

  • توطيد حفظه للقرآن بفهم معانيه وتفسير آياته والعمل بها والدعوة إليها، وهذا الأمر يعين الإنسان على الثبات على الحق ونيل ثواب الآخرة أولا، ويعينه على تعاهد القرآن وتثبيته في القلب.
  • الابتعاد عن الذنوب والمعاصي، فالمعاصي والذنوب تغشى القلب فتظلمه وتضعفه وتنسيه ذكر الله.

ختاما

فالقرآن الكريم هو فضل ونعمة من الله عز وجل على الإنسان، فعلينا أن نعتني بحفظه ومدارسته وفهمه وتدبر معانيه وتعلمه ما استطعنا، وأن لا نفوت فضله الكبير وثوابه الجزيل لنا ولأبنائنا وإخواننا.

فاللهم أعنا على حفظ كتابك العزيز، وثبته في قلوبنا واجعه حجة لنا لا حجة علينا، واجعله اللهم ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وذهاب همومنا، وجلاء أحزاننا، واجعلنا به ممن يلبسون تاج الوقار ويلبسون والديهم به حلة الجنان يا رب العالمين، اللهم آمين.

هذا والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

مصادر

القرآن الكريم

السنة النبوية الشريفة – موقع حديث للتحقق من صحة الأحاديث-

فتاوي الشيخ ابن العثيمين رحمه الله

فتاوي الشيخ ابن باز رحمه الله

فتاوي الشيخ عبد الرزاق البدر حفظه الله –من علماء المدينة المنورة-

فتاوي الشيخ محمد علي فركوس حفظه الله –عالم سني جزائري-

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top